دولة الرئيس
بقلم بهيج أبو غانم (الاقتصاد والأعمال عدد أيار 2005)
دولة الرئيس نجيب ميقاتي هذه العبارة كانت احتمالا واردا منذ سنوات قليلة لكنها اليوم صارت واقعا. ويوم كنا نسأله عن هذا الاحتمال لم يكن ينفي ولم يكن يؤكد، وإن كان جوابه أقرب إلى النفي. إنه كان ينتظر ذلك في يوم من الايام ولكنه بالتأكيد لم يكن يعرف متى وكيف؟
دولة الرئيس نجيب ميقاتي لم يكن يرغب أن تحمل سيارته اللوحة الزرقاء سواء للمقعد النيابي الذي يشغله منذ العام 2000 أو للحقيبة الوزارية (الاشغال العامة والنقل) التي شغلها على مدى ست سنوات. لكن دولة الرئيس لن يستطيع اليوم أن يتهرّب من اللوحة التي تحمل الرقم " 3 " فهذا الموقع يتجاوز التمثيل الشخصي أو المناطقي ليشمل تمثيل لبنان وكل اللبنانيين.
عندما أتحدث عن دولة الرئيس نجيب ميقاتي يصعب عليّ الفصل بين الناحية الشخصية والناحية الموضوعية. وهو أمر قد يكون له مبرر بحكم معرفة شخصيته به ترقى إلى مطلع الثمانينات. عرفته منذ بدايات دخوله معترك العمل في المجال المالي أولاً في مجال الاتصالات في ما بعد، ومنذ اليوم الأول، إذا استعدنا ذلك ، كان يعرف ماذا يريد... وكان طموحه واضحاً لكنه كان يحققه بتأن ، وبأسلوب لم يخلُ يوماً من الحنكة ، وبوتيرة لم تكن ترغب في استعجال أو تسرع.
ومنذ بداية معرفتي به عرفته شغوفاً بالاطلاع والاستطلاع الدائمين لمعرفة ما يجري حوله... يسعى يومياً إلى توسيع شبكة معارفه... يبنى الصداقات في كل الاوساط ،يمارس باتقان فن العلاقات العامة... ولعل نجاحه كرجل أعمال، بل نجاح المجموعة " طه ونجيب ميقاتي" في حقل الاتصالات مرتبط وإلى حد بعيد بإتقان فن الاتصال والتواصل.
ولو استعرضت شريط السنوات الماضية ، لرأيت دولة الرئيس نجيب ميقاتي دائماً ودوداً ، مبتسماً، صدوقاً، ومتواضعاً، وفياً للآخر سواء كان قريباً منه أو بعيداً عنه ... يستمع بشكل جيد ويسمع الكثير من الأخبار والمعطيات لكنه لا يتبنى منها أي شيء قبل أن يتأمل ويراجع "ويغربل" ليصل إلى القناعات والاستنتاجات.
دخل نجيب ميقاتي عالم السياسة من باب الأعمال وليس من باب الإرث السياسي. وبدأ مبكراً بتطوير قدراته على كلّ الصعد لاقتناعه بأن "كريزما" القيادة بعضها بالفطرة والموهبة وبعضها الآخر بالاكتساب والتثقف والتعلم من الغير.
ولذلك وعندما يتبوأ نجيب ميقاتي الكرسي الثالث في الحكم اللبناني، فإننا لا نستغرب ذلك ، فالرجل بات يمتلك الكفاءة والقدرة والحكمة والحنكة التي صقلتها التجربة.
ولأنه ذو خبرة واطلاع في المجالين السياسي والاقتصادي فإنّ دولة الرئيس مؤهل للنجاح، وللعب دور، ولتحقيق إنجازات ربما يتعدى الاهداف المحددة التي جاء من أجلها إلى رئاسة الوزراء.
والرئيس هو اليوم في السراي الحكومي في وزارة انتقالية. وقد تكون هذه النقلة علامة فارقة في تاريخه السياسي وهي بالطبع ليست نهاية المطاف بل بدايته...
وأخيرا وليس آخراً، دولة الرئيس نجيب ميقاتي ... هل جاء في الوقت الصعب ؟ أم جاء في الوقت السهل؟ إنه سؤال يصعب الجزم في الاجابة عليه، لكن ما يمكن تأكيده أنّ تقاطعات عدة ومن مستويات مختلفة قد تمحورت حوله بالذات، ولعل في هذا التقاطع تكمن السهولة والصعوبة في آن.
دولة الرئيس الصديق .. مبروك لك نجاحك وندعو لك بالتوفيق.

